
النبيُّ -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلى آله- توقف على الفور، وعمل على إعادة مَن قد تقدم من الجموع الغفيرة التي كانت معه في رحلته إلى الحج، واستقر حتى تلاحَقَ المتأخرون واجتمع الكل في منطقة غدير خم، في خم رصت أقتاب الإبل وكان الوقت في الظهيرة أثناءَ الحرارة الشديدة وفي جو مشمس وواضح، وجمع الجميع، واستقروا في ذلك الجو، في كُلّ ما يوحي بأَهميَّة الموقف وأَهميَّة ما سيقدم للأمة، إنه أمر استثنائي فاصل ومهم وليس مجرد أمر عادي وبسيط نهائياً، تحت حرارة الشمس، في الصحراء في مكان مكشوف لا ظلالَ فيه إلا خمس شجرات دوحات قُمَّ ما تحتهن ورصت أقتاب الإبل ليصعدَ من عليها الرسول -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلى آله- وهناك تقدم النبي -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلى آله- وَالجموع الغفيرة كلها تنظر إليه ترى ما هو هذا الذي قد نزل، ما هو هذا الأمر المهم الذي اقتضى سُرعة الإبلاغ على هذا النحو وإعطاء عملية الإبلاغ جواً يوحي بالأَهميَّة القصوى لما سيقدم، الكل انصتوا والكل سكتوا وجلسوا في تلك الحرارة الشديدة والكل ينظر باتجاه الرسول -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلى آله- الذي صعد على أقتاب الإبل ليراه الجميعُ بوضوح وأصعد معه علي بن أبي طالب -عليه السلام- فوق أقتاب الإبل، وتحدث بخطبته الشهيرة التاريخية المهمة جدًّا، وهي كذلك خطبة الوداع، في واقع الأمر، وهو قال فيها (إني أوشك أن أدعى فأجيب)، يعني سنة الله معي هي سنته مع الأنبياء من قبلي، الكل رحلوا من هذه الحياة {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]،
اقراء المزيد